شهدت الستينيات نقلة كبيرة بالنسبة للتقويم التربوي في المحتوى والأسلوب، وذلك من خلال فترة إعادة النظر في المناهج، وقد ظهر العديد من التربويين الذين ركزوا اهتماماتهم في مجالات التقويم ( ستفليم وستيك وكلاسي وكرونباخ وسيكرفن ) وكان لهم الفضل الكبير في تحقيق تطور كبير في ميدان التقويم.
أصبح التقويم الآن محورًا رئيسًا في العملية التربوية وقد تطورت وظائفه وأنواعه كثيرًا، ويمثل استخدام النماذج التقويمية اتجاهات حديثة متميزة في فترة السبعينيات، ومنذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، أخذت مفاهيم جديدة في الظهور مثل: تقويم الأداء والتقويم البديل.
كما دعت التوجهات الحديثة في هذا المجال إلى نوع من التقويم يعرف بالتقويم البديل، ذلك التقويم الذي يعتمد على الافتراض القائل بأن المعرفة يتم تكوينها وبناؤها بواسطة المتعلم، حيث تختلف تلك المعرفة من سياق لآخر، وتقوم فكرة هذا النوع من التقويم على إمكانية تكوين صورة متكاملة عن المتعلم في ضوء مجموعة من البدائل بعضها أو جميعها.
فما تتبناه حركة التقويم البديل هو الاعتقاد بأن تعلم الطالب وتقدمه الدراسي يمكن تقييمهما بواسطة أعمال ومهام تتطلب انشغالًا نشطًا مثل: البحث والتحري في المشكلات المعقدة والقيام بالتجارب الميدانية والأداء المرتفع وهذه الطريقة لتقويم أداء الطالب تعكس تحولها من النظرة الإرسالية للتعلم إلي النظرة البنائية له.
تعريف التقويم البديل :
هو التقويم الذي يقوم على الافتراض القائل بأن المعرفة يتم تكوينها وبناؤها بواسطة المتعلم حيث تختلف هذه المعرفة من سياق لآخر، ويمكن تعريفه أيضًا بأنه اتجاه في التقويم التربوي يقوم على وضع الطالب في مواقف حقيقية أو تحاكي الواقع ورصد استجاباته فيها.
ويقيس التقويم البديل أداء الطالب في مواقف حقيقية قريبة بقدر الإمكان من الواقع، حيث يقوم الطالب بأداء مهام وتكليفات مشابهة للمهام الحياتية خارج المدرسة.
التحولات الأساسية التي أحدثها التقويم البديل في الفلسفة التربوية:
أحدث التقويم البديل تحولات جذرية في فلسفة التربية عامة وتقويم تحصيل الطلاب وآرائهم:
استراتيجيات التقويم البديل :
1- استراتيجية التقويم المعتمد على الأداء:
تتيح هذه الاستراتيجية للطلبة توظيف المهارات التي تعّلموها في مواقف حياتية جديدة تحاكي الواقع، مع إظهار مدى إتقانهم لما تعلموه في ضوء النتاجات التعليمية المراد إنجازها. ويندرج تحت هذه الاستراتيجية عدد من الفعاليات التي يمكن أن تعد مثالًا ملائمًا لتطبيقها، كالتقديم والمحاكاة والعرض التوضيحي والمناظرة.
إن هذه الاستراتيجية بما تقدمه من تقويم متكامل ومباشر تتيح للطالب أن يلعب دور إيجابي في تقييم المهارات المعرفية والأدائية والوجدانية التي يمتلكها، ومشاركة المعلم بوضع معايير تقويم الأداء ومستوياته، فضلًا عن إعطاء كل من المعلم والمتعلم فرصة تعديل إجراءات ومهام التقويم بناء على التغذية الراجعة التي يحصلونها، وصولًا بهم إلى أعلى مستويات الجودة، مع احتفاظ المتعلم بحق الدفاع عن رأيه وأدائه بالحجج والبراهين المنطقية.
2- استراتيجية التقويم بالقلم والورقة:
تعد الاختبارات بأنواعها عماد هذه الاستراتيجية وركيزتها بما تقدمه من أدوات معدة بإحكام، تمكن المعلم من قياس قدرات الطلبة ومهاراتهم في مجالات محددة، تظهر مستوى امتلاكهم للمهارات العقلية والأدائية المتضمنة في النتاجات التعليمية لمحتوى دراسي تعّلموه. وتكمن أهمية هذه الاستراتيجية فيما تقدمه للمعلم من معرفة بمواطن القوة والضعف في أداء الطلبة، وقياس مستوى تحصيلهم ومدى تقدمهم فيه، مما يزود المعلم وولي الأمر بالتغذية الراجعة حول أدائهم.
3- استراتيجية الملاحظة:
تعد استراتيجية التقويم المعتمد على الملاحظة من أنواع التقويم النوعي الذي يدون فيه سلوك الطلبة بهدف التعرف على اهتماماتهم وميولهم واتجاهاتهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض، بقصد الحصول على معلومات تفيد في الحكم على أدائهم وفي تقويم مهاراتهم وأخلاقياتهم وطريقة التفكير التي ينتهجونها، ويمكن تقسيم الملاحظة إلى نوعين أساسيين هما:
الملاحظة التلقائية: تتمثل في مشاهدة سلوك المتعلم وأفعاله في المواقف الحياتية الحقيقية.
الملاحظة المنظمة: تتمثل في مشاهدة سلوك المتعلم بشكل مخطط له مسبقًا، آخذين بعين الاعتبار تحديد ظروف الملاحظة (الزمان، المكان، المعايير الخاصة بكل ملاحظة).
إن وعي المعلمين بهذه الاستراتيجية يساعدهم في الحصول على كم من المعلومات النوعية، تمدهم بدرجة عالية من الثقة عند اتخاذ القرار، والشمولية في تقويم النتاجات التعليمية، فضلا عن ما تتمتع به هذه الاستراتيجية من مرونة عالية، تمكن المعلمين من تكييفها وتصميمها بما يتناسب مع النتاجات التعليمية المختلفة.
4- استراتيجية التقويم بالتواصل:
تقوم هذه الاستراتيجية على جمع المعلومات عبر إرسال واستقبال الأفكار، بشكل يمكن المعلم من معرفة التقدم الذي حققه المتعلم، فضلا عن التعرف على طريقة تفكيره وأسلوبه في حل المشكلات.
إن وعي المعلمين بما تتضمنه هذه الاستراتيجية من فعاليات المقابلة والأسئلة والأجوبة وأدوات تقويم ترتبط بها، يمكن أن تفيد المعلمين في التخطيط الأمثل للدرس، وتحديد النتاجات التعليمية للطلبة، وفقا لمستوياتهم وقدراتهم، كما قد تمكن الطلبة من الحصول على التغذية الراجعة والتشجيع اللذين يساهمان في تشخيص حاجاتهم بما يعزز من قدرتهم على مراجعة الذات وانعكاس ذلك إيجابا على أدائهم وإمكانياتهم.
5- استراتيجية مراجعة الذات:
تقوم هذه الاستراتيجية على تحويل التعلم السابق إلى تعلم جديد، وذلك بتقييم ما تعلمه الطالب من خلال تأمله الخبرة السابقة، وتحديد نقاط القوة والنقاط التي بحاجة إلى تحسين، وتحديد ما سيتم تعلمه لاحقا. وتُعد هذه الاستراتيجية مكونا أساسيا للتعلم الذاتي، بما تقدمه للمتعلم من فرصة حقيقية لتطوير مهاراته ما وراء المعرفية، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات التفكير العليا، و حل المشكلات مما يمكن المتعلم من تشخيص نقاط القوة في أدائه، وتحديد حاجاته وتقييم اتجاهاته.
إن تمكن المعلم ووعيه بهذه الاستراتيجية يتيح له القدرة على توظيفها في عملية تقويم تعلم الطلبة وذلك بإشراكهم في عملية التقويم، وتعزيز قدراتهم وإمكانياتهم على تحمل مسؤولية تعّلمهم.
أدوات التقويم البديل :
1- قوائم الرصد/الشطب
تشمل قوائم الرصد أو الشطب قائمة الأفعال أو السلوكيات التي يرصدها المعلم أو المتعلم لدى قيامه بتنفيذ مهمة أو مهارة تعليمية واحدة أو أكثر، وذلك برصد الاستجابات على فقراتها باختيار أحد التقديرين من الأزواج التالية: صح أو خطأ، نعم أو لا، موافق أو غير موافق. وتعد من الأدوات المناسبة لقياس مدى تحقق النتاجات التعليمية.
2- سلالم التقدير:
تقوم سلالم التقدير على تجزئة المهمة أو المهارة التعليمية المراد تقويمها إلى مجموعة من المهام أو المهارات الجزئية المكونة للمهارة المطلوبة، بشكل يظهر مدى امتلاك الطلبة لها، وفق تدريج من أربعة أو خمسة مستويات، يمثل أحد طرفيه انعدام أو ندرة وجود المهارة، في حين يمثل الطرف الآخر تمام وجودها.
3- سلالم التقدير اللفظي:
تتيح هذه الأداة للمعلم إدراج مستويات المهارة المراد تقويمها لفظيا إلى عدد من المستويات بشكل أكثر تفصيلا من سلالم التقدير، حيث يتم تحديد وصف دقيق لمستوى أداء الطلبة، مما يمكن المعلم من تزويد الطلبة بالتغذية الراجعة التي يحتاجونها.
4- سجل وصف سير التعلم:
إن تعبير الطالب كتابيا حول أشياء قرأها أو شاهدها أو تعلمها، تتيح للمعلم فرصة الاطلاع على آراء الطلبة واستجابتهم من خلال سجل وصفهم لسير تعلمهم وكيفية ربط ما تعلموه مع خبراتهم السابقة. و يعتمد نجاح تطبيق هذه الأداة على وجود معلم قادر على خلق بيئة آمنة تشجع الطلبة على التعبير بحرية عما يشعرون به، دون خوف أو رهبة من التأثير السلبي لما يكتبون على درجة تحصيلهم.
5- السجل القصصي:
يقدم السجل القصصي- بوصفه أداة من أدوات التقويم البديل – صورة واضحة عن جوانب النمو الشامل للمتعلم، من خلال تدوين وصف مستمر لما تم ملاحظته على أدائه، مما يقدم للمعلم مؤشرا صادقا يمكنه من التعرف على شخصية المتعلم ومهاراته واهتماماته، وتوظيفه لأغراض تنبؤية، أو إرشادية، أو توجيهية، أو علاجية.
خصائص التقويم البديل:
متطلبات التقويم البديل
متطلبات التقويم البديل كالتالي:
معيقات تطبيق التقويم البديل :
المرجع:
أكاديـمـيـا جلـــــوب
طريقك لمستقبل أكاديمى واعد
معلومات الاتصال
تواصل مع اكاديميا جلوب من خلال مواقع التواصل الاجتماعى او ارسل لنا بريد الالكترونى لتستقبل كل جديد
طرق الدفع
تابعنا على تويتر