أكاديـمـيـا جلـــــوب

---

يتناول المقال النقاط التالية:

• مفهوم مشكلة البحث.
• مصادر اختيار المشكلة البحثية.
• مواصفات المشكلة البحثية الجيدة.
• أصالة المشكلة البحثية.
• كيفية صياغة المشكلة البحثية.

مشكلة البحث(Research Problem)

يقصد بمشكلة البحث الموضوع الذي يختاره الباحث لإجراء البحث، ويمثل اختيار مشكلة البحث أحد أهم المراحل وأكثرها صعوبة ويستغرق في العادة الكثير من الوقت والجهد ويترتب على اختيار مشكلة البحث تحديد العديد من الخطوات اللاحقة التي يقوم بها الباحث.

مصادر اختيار المشكلة البحثية:

لاختيار  مشكلة البحث، أو بمعنى آخر إذا رغب الباحث أن يحدد موضوعًا لبحثه، فإنه يمكن أن يلجأ إلى عدة مصادر منها:

1. المجتمع نفسه الذي يعيش فيه، بمعنى أن تكون مشكلة يواجهها المجتمع، ويمكن لأي باحث أن يلمسها ويدرك أبعادها ومخاطرها مثل مشكلة حوادث السيارات، ومشكلة الإدمان، الخ.
2. حضور المناقشات العلمية سواء على شكل حلقات بحث أو ندوات أو مؤتمرات أو مناقشة الرسائل العلمية في التخصص.
3. مراجعة الرسائل العلمية خصوصا الأجزاء الخاصة بالتوصيات التي يقدمها الباحثون لإجراء دراسات مستقبلية.
4. التحدث إلى الأساتذة والزملاء.
5. القراءة المستمرة في الإنتاج الفكري، وتصفح مواقع الإنترنت ذات العلاقة بمجال دراسته.
6. الخبرة العملية للباحث إذ يمكنه اختيار إحدى المشكلات في مجال عمله كموضوع للبحث.

مواصفات المشكلة البحثية الجيدة

هناك مواصفات معينة يتعين توفرها حتى يمكن اعتبار المشكلة جيدة وجديرة بالبحث والدراسة من أهم تلك المواصفات ما يلي:

1.  أن تستحوذ على اهتمام الباحث وتتناسب مع قدراته وإمكاناته.
2. أن تكون ذات قيمة علمية، بمعنى أن تمثل دراستها إضافة علمية في مجال تخصص الباحث.
3. أن يكون لها فائدة عملية، بمعنى أن يتم تطبيق النتائج التي يتم التوصل إليها في الواقع العملي.
4. أن تكون المشكلة سارية المفعول، بمعنى أنها قائمة وأثرها مستمر، أو يخشى من عودتها مجددًا.
5. أن تكون جديدة بمعنى أنها غير مكررة أو منقولة.
6. أن تكون واقعية بمعنى أنها ليست افتراضية، أو من نسج الخيال.
7. أن تمثل موضوعًا محددًا تسهل دراسته، بدلاً من كونه موضوعًا عامًا ومتشعبًا يصعب الإلمام به أو تناوله.
8. أن تكون المشكلة قابلة للبحث، بمعنى أن تتوافر المعلومات والتسهيلات التي يحتاجها الباحث.
9. أن تكون في متناول الباحث، أي أن تتفق مع قدراته وإمكاناته.
10. أن تتوفر المصادر التي يستقي منها الباحث المعلومات عن المشكلة.
11. يستفاد مما سبق أن المشكلة التي يمكن اعتبارها جيدة من حيث بعض الجوانب أعلاه بالنسبة لباحث معين قد لا تكون كذلك بالنسبة لباحث آخر.

أصالة المشكلة البحثية:

على الباحث أن يتأكد من أصالة المشكلة، بمعنى أنها مشكلة جديدة وأصيلة ولم يسبق دراستها حفاظا على الجهد، ومنعا للتكرار والازدواجية، وبالنظر إلى عدم توفر أدلة علمية متكاملة بالأبحاث الجارية (research in progress) كما هو الحال في الغرب، فإن على الباحث أن يبذل قصارى جهده للتأكد من أن الدراسة التي يزمع القيام بها غير مسبوقة وذلك من خلال عدد من الخطوات منها:

1. استعراض قواعد البيانات المتخصصة على الانترنت.
2. استعراض الأدلة والكشافات والببليوجرافيات.
3. سؤال المختصين والأساتذة.
4. سؤال مراكز الأبحاث الحكومية والأهلية المعنية بموضوع البحث.
5. تصفح مواقع القطاعات المعنية على الانترنت بما في ذلك مواقع الكليات والأقسام العلمية المتخصصة. 
6. الاطلاع على الدوريات المتخصصة سواء في شكلها التقليدي أو الالكتروني.
7. الاطلاع على أعمال المؤتمرات والندوات وورش العمل العلمية في التخصص حيث يتم نشر الأوراق المقدمة لها في كتب (proceedings).

صياغة المشكلة:

يقوم الباحث بصياغة المشكلة صياغة دقيقة محددة، يتمكن من خلالها وضع المشكلة في قالب محدد، يسهل معه التعامل مع المشكلة ودراستها، إن هذا التحديد يساعد الباحث نفسه في المقام الأول على القيام بالخطوات اللازمة لإنجاز البحث بيسر وسهولة. فيما يلي بعض الطرق لصياغة المشكلة.

1. صياغة لفظية تقديرية.
2. صياغة على هيئة سؤال.
3. صياغة على هيئة فرض.

أمثلة

صياغة لفظية تقديرية، مثل:

• دراسة عن جدوى نظام (حي بدون حاويات) المقترح من أمانة محافظة جدة.

صياغة على هيئة سؤال، مثل:

• ما مدى قبول سكان حي مشروع الأمير فواز بمحافظة جدة لنظام ( حي بدون حاويات)؟

صياغة على هيئة فرض، مثل:

• هناك علاقة بين مدى التزام السكان باستخدام مفهوم نظام حي بدون حاوية المقترح من أمانة جدة وتكدس النفايات.

يمكن ملاحظة أن الصياغة الأولى تهدف إلى الاستطراد والاستكشاف، بينما تهدف الصياغة الثانية إلى الحصول على إجابة محددة، وتهدف الصياغة الثالثة إلى إثبات أو نفي وجود علاقة بين متغيرين.

فيما يلي تفصيل الحالات التي يمكن للباحث أن يستخدم أحد الصياغات الثلاث فيها.

 

الصياغة اللفظية

هي الصياغة التي يستخدمها الباحث إذا كان موضوعه من الموضوعات العامة التي تحتاج إلى استكشاف، وجمع معلومات عامة، بمعنى لا توجد في ذهن الباحث أسئلة معينة يبحث عن إجابات لها، فهو يريد التوصل إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المشكلة.

مثال: اتجاهات طلاب جامعة الملك عبد العزيز نحو استخدام الانترنت.

يلاحظ في هذه الصياغة أنها صياغة عامة تلائم الموضوعات العامة التي يسعى الباحث من خلال المعلومات التي يقوم بجمعها إلى اكتشاف حقائق تتعلق بـ:

• أوجه استخدام الإنترنت بصفة عامة.
• معدلات استخدام الانترنت من قبل طلاب الجامعة على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم ونظام الدراسة.
• الظروف المحيطة باستخدام طلاب الجامعة للإنترنت.

صياغة على هيئة سؤال

 يقوم الباحث بصياغة المشكلة على هيئة سؤال عندما تكون المشكلة واضحة، وهناك سؤال أو أكثر يرغب الباحث في معرفة الإجابة عليها.

مثال: ما مدى استخدام الإنترنت من قبل طلاب المستويين الثالث والرابع في كلية الاقتصاد والإدارة؟

يلاحظ أن هذه الصياغة أكثر تحديدا من الصياغة اللفظية التقديرية، وتتضمن سؤالا مباشرا يبحث الباحث عن إجابة له، يتوقع أن يحصل الباحث على إجابات مثل:

• معدل استخدام طلاب المستويين الثالث والرابع في كلية الاقتصاد والإدارة الإنترنت خلال اليوم / الأسبوع.
• الأغراض التي يستخدم من أجلها طلاب المستويين الثالث والرابع الإنترنت.
• التعرف على اختلاف معدلات استخدام الانترنت بين طلاب المستويين الثالث والرابع.

صياغة على هيئة فرض

صياغة المشكلة على هيئة فرض تلائم المشكلات التي يكون فيها متغيران أو أكثر يريد الباحث التعرف على العلاقة التي تربطهما، وتحديد شكل تلك العلاقة، وهل هي علاقة طردية أو عكسية، فمثلاً إذا ما رغب في التعرف على العلاقة بين تقدم مستوى الطلاب في الجامعة وبين معدلات استخدامهم للإنترنت، فإن الصياغة على هيئة فرض تكون هي الصياغة الملائمة.

مثال: هناك علاقة طردية بين تقدم المستوى الدراسي ومعدل استخدام الإنترنت.

هنا يرغب الباحث في اختبار العلاقة بين متغيرين يمكن اختبارهما وقياسهما، وهما (التقدم في المستوى الدراسي)  و (معدل استخدام الانترنت)، ويفترض مبدئيا أنها علاقة طردية أي أن استخدام الانترنت يزيد مع تقدم الطالب في المستوى الدراسي.

بطبيعة الحال كلما كانت الصياغة واضحة ومحددة ومباشرة كلما كانت الإجراءات التي يقوم بها الباحث واضحة ومحددة، كما يمكن استنتاج أن النتائج تكون مباشرة أكثر في حال الصياغة على هيئة فرض ثم على هيئة سؤال، وأخيرا الصياغة اللفظية التقديرية. أما بالنسبة لكم المعلومات التي يتوقع أن تنتج من البحث في الحالات الثلاثة فتتدرج تصاعديا من الفرض إلى السؤال إلى الصياغة اللفظية التقديرية.

ينبغي أن تركز صياغة مشكلة البحث على الحيثيات والخلفيات التي تساعد القارئ على الإلمام بتفاصيل المشكلة، ويمكن أن تكتب على شكل نقاط، أو على شكل فقرة متصلة كما في المثالين التاليين:

مثال1: استخدام الدوريات من قبل طلاب مرحلة البكالوريوس.

مشكلة البحث:

شكلت ملاحظات الباحث خلال زياراته المتكررة إلى قسم الدوريات بالمكتبة المركزية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدافع الأساسي لاختيار موضوع هذا البحث، ويمكن إيجاز تلك الملاحظات فيما يلي:

• عدم اكتمال أعداد الدوريات في الأماكن المخصصة لها على الأرفف.
• وجود أعداد متفرقة من الدوريات على طاولات القراءة بعد استخدامها من قبل المستفيدين، وبقائها دون إعادتها إلى الأرفف لفترات طويلة.
• عدم انتظام فتح قسم الدوريات في الفترات المسائية.
• اختلاف مواعيد دوام قسم الدوريات عن دوام الأقسام الأخرى بالمكتبة.
• ارتفاع تكلفة التصوير مقارنة بتكلفته في القرطاسيات المحيطة بالجامعة.
• تنوع وتعدد أشكال وألوان المجلدات للدورية الواحدة، مما يصعب معه تمييز دورية عن أخرى.
• عدم اكتمال بيانات بعض المجلدات من حيث رقم المجلد، السنة، التاريخ على المجلد.
• عدم توازن عدد النسخ من كل دورية.
• وضع الدوريات في غير أماكنها على الأرفف.
• عدم توفر الهدوء المطلوب للإطلاع، وعدم وجود أي إشارات أو تعليمات تحث المستفيدين على ضرورة توفر الجو الملائم للتركيز والقراءة، وعدم التشويش على الآخرين.

عليه يمكن صياغة مشكلة البحث صياغة لفظية على النحو التالي:

دراسة عن مدى استخدام الدوريات من قبل طلاب مرحلة البكالوريوس بجامعة الملك عبد العزيز.

المصدر:

حافظ , عبد الرشيد بن عبد العزيز. (2012). أساسيات البحث العلمي. ط1, المملكة العربية السعودية: مطابع جامعة الملك عبد العزيز.

 

---

تعليقات