أكاديـمـيـا جلـــــوب

---

تصاعدت الدعوات إلى تدويل التعليم العالي والتي كان من أبرز خصائصها تحول التعليم إلى خدمة عن طريق السوق التي تحكمها قوى العرض والطلب ومتطلبات الاقتصاد الحر، والتعامل مع آليات السوق المتغيرة، مما أدى لظهور أنماط جديدة من التعليم العالي، مثل التعليم عن بٌعد، الجامعات المفتوحة والجامعة الافتراضية لمواكبة المستجدات التقنية والتكنولوجية الحديثة، ولتخطي حاجز الزمان والمكان  في تقديم خدمات التعليم العالي اصبحت الجامعة من أهم قاطرات التنمية في الدول نظرًا للدور الهائل الذى تلعبه في تعزيز وتدعيم  القوة الناعمة للدول وإنتاج المعرفة وتطورها بالإضافة إلى إنتاجها لرأس المال البشري.

بدأ ظهور مصطلح التدويل في التعليم العالي من خلال الأربعينيات من خلال التركيز على تبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والبحوث المشتركة ومشروعات التعاون الإنمائي والمساعدة التقنية بين الجامعات ثم في الستينيات كان التدويل حجر الزاوية لتطوير مؤسسات التعليم العالي في كثير من الدول النامية ثم دخل مصطلح التدويل كمكون أساسي في أجندة الجامعات في السبعينيات، وبذلك أصبح التدويل التعليم مصطلح واسع الانتشار في التعليم العالي، حيث ظهر التوجه نحو تدويل التعليم العالي في معظم دول العالم عندما تبنت منظمة اليونسكو استراتيجية تدويل التعليم العالي عام1998 باعتباره وسبة للارتقاء بالعملية التعليمية والبحثية.

وتدويل التعليم العالي عبارة عن الأنشطة والبرامج والخدمات المتعددة التي تندرج ضمن الدراسات الدولية، وتبادل البرامج والطلاب والتقنيات التعليمية، كما يٌعرف تدويل التعليم بأنه "إدخال البعد الدولي بمستحدثاته واستراتيجياته على كل مكونات منظومة التعليم الجامعي بمدخلاته وعملياته ومخرجاته بشرط تحسين جودتها التعليمية بصفة مستمرة وزيادة كفاءتها الداخلية بما يتفق مع المعايير العالمية لكى تحقق لها الميزة التنافسية".

وتُشير الكتابات إلى أن مفهوم تدويل التعليم العالي ليس مفهومًا جديدًا ولكنه شهد تطورات كبرى على مر السنين حتى وصل إلى مفهوم التدويل حيث بدأ التعليم الدولي بالاعتماد على ابتعاث الطلاب للدراسة بالخارج ثم تطور واتسع ليشمل تطور مجالات البحث العلمي، تقديم التعليم الجامعي كخدمة وتحقيق الأرباح عبر استقطاب الطلاب الأجانب والنظر إلى التعليم العالي كأداة في يد الدبلوماسية للدولة.

وتبرز أهمية تدويل التعليم العالي في الوفاء باحتياجات مؤسسات التعليم العالي ومواجهة تحديات المستقبل، وحاجة الجامعات في الدول النامية للدخول في النظام العالمي للبحوث والابتكارات، وزيادة المشاركة في فعاليات الاعتماد الدولي والتوسع في الشبكات التي تربط الأنشطة التعليمية والبحثية للجامعات على المستوى الدولي، وزيادة القدرة التنافسية العلمية والتكنولوجية والاقتصادية، وبناء قدرات الدول من الموارد البشرية، وتعزيز الصناعة وتصدير التعليم، وإنشاء اتحادات إقليمية ودولية لزيادة الإرتباط بين مؤسسات التعليم الجامعي عبر الحدود.

كما تعتبر العولمة بأبعادها الاقتصادية والسياسية والثقافية من أهم عوامل تدويل التعليم العالي، فهناك ارتبط وثيق بين العولمة وتدويل التعليم العالي وهناك من يخلط بين مفهوم تدويل التعليم العالي وعولمة الجامعات فعلى الرغم من التشابك الشديد والاستخدام المترادف بين المصطلحين نجد أن مفهومي العولمة والتدويل في التعليم يشيران إلى ظاهرتين مختلفتين.

ولقد أكدت منظمة اليونسكو على أهمية ترسيخ مفهوم تدويل التعليم من خلال اتفاقياتها ومؤتمراتها المختلفة ووجهت المجتمع الدولي لتعزيز الترابط الدولي في مجال التعليم العالي، وتحديد السبل والطرق الممكنة والوسائل المساعدة في تحقيق تدويل التعليم بما يؤدى إلى تعاون دولي حقيقي يحسن من نوعية التعليم في الدول المختلفة، فعلى مدى العقدين انتقل مفهوم تدويل التعليم العالي من هامش الاهتمام المؤسسي إلى جوهره، حيث أن هناك اتجاهات متزايدة لتدويل التعليم العالي وإعادة النظر والتفكير في الطريقة التي ينظر بها إلى تدويل التعليم العالي في الوقت الحاضر. وبذلك أصبح تدويل التعليم العالي ظاهرة هامة تؤثر على مؤسسات التعليم العالي، كما سمح للجامعات بإنشاء فروع وحرم جماعية في مناطق مختلفة مما أدى إلى زيادة حركة نقل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والبرامج والمناهج الدراسية من جامعة إلى جامعة أخرى.

المصدر:

محمد، حنان أحمد الروبي.(2019). تدویل التعليم العالي كمدخل لتعزيز القوة الناعمة لمصر في ضوء بعض الخبرات العالمية.  دراسات عربية في التربية وعلم النفس . رابطة التربويين العرب .ع(112).  239-407.

---

تعليقات