الملاحظة: تعد الملاحظة واحدة من أقدم الطرق والأساليب المستخدمة في دراسة سلوك الأفراد وأكثرها شيوعاً إذا أنها تمد الباحثين والمهتمين بمعلومات غنية عن نماذج مختلفة من السلوك سواء كان السلوك خاصاً بالفرد عبر المراحل العمرية التي يمر بها مثلاً الدراسات التي قام بها بياجيه أو كان خاصاً بالجماعة كما هو الحال في دراسات علم الاجتماع.
وتعد الملاحظة أحد الوسائل الرئيسية في جمع البيانات النوعية خصوصاً في الدراسات الأثنوغرافية.
تعرف الملاحظة بأنها:
(أداة من أدوات البحث العلمي تجمع بواسطتها المعلومات التي تمكن الباحث من الإجابة علي أسئلة البحث واختيار فروضه فهي تعني الانتباه المقصود والموجه نحو سلوك فردي أو جماعي معين بقصد متابعته ورصد تغيراته لتمكن الباحث من وصف السلوك وتقويمه وتحليله).
أنواع متغيرات الملاحظة:
متغيرات الملاحظة الوصفية: هي متغيرات لا تتطلب تدخلاً من جانب الملاحظ إلي التكوين الذي ينتمي إليه السلوك.
مثال (ملاحظة الثقة بالنفس).
متغيرات الملاحظة التقويمية: هي متغيرات لا تتطلب فقط الاستدلال ولكنها تتطلب أيضاً حكماً تقويمياً.
مثال (جودة شرح المعلم لموضوع ما).
مبررات استخدام الملاحظة:
1 ـ تهدف بعض الأبحاث إلي تجريب الآخرين أو تجريب شىء معين من أجل الإحساس بنفس إحساس الأفراد المستهدفين، هنا لا يمكن لنا تحقيق ذلك إلا من خلال مشاركتنا الفعلية مع هؤلاء الناس عن طريق الملاحظة.
2 ـ هناك بعض التجارب والخبرات قد لا نستطيع أن نصل إليها من خلال المقابلة فقط وذلك لصعوبة وصفها أو التحدث عنها بشكل واضح لذا نلجأ إلي الملاحظة لاستكشاف ذلك بأنفسنا.
3 ـ الحصول علي كمية غنية من البيانات عن سلوك أو ظاهرة ما.
4 ـ الحصول علي المعلومات عن الظاهرة أو السلوك في وضعها الطبيعي.
أنواع الملاحظة:
أ ـ من حيث المباشرة:
1 ـ ملاحظة مباشرة: ملاحظة سلوك معين من خلال الاتصال المباشر بالأشخاص أو الأشياء التي يدرسها الباحث.
2 ـ ملاحظة غير مباشرة: حيث يدرس الباحث السجلات والتقارير والمذكرات التي أعدها آخرون.
ب ـ من حيث التحديد:
1 ـ ملاحظة محددة: يكون لدي الباحث تصور مسبق عن نوع الأنماط التي يلاحظها أو عن السلوك الذي يراقبه.
2 ـ ملاحظة غبر محددة: يقوم الباحث بدراسة مسحية للتعرف علي واقع معين أو لجمع المعلومات والبيانات.
ج ـ من حيث البيانات:
1 ـ ملاحظة كمية منظمة: يقوم الباحث بالملاحظة ويسعي لجمع معلومات رقمية كمية غالباً عن طريق أداة معدة سلفاً.
2 ـ ملاحظة نوعية " غير منظمة" وفيها لا يستخدم الباحث تصنيفات وأنماط محددة سلفاً بل يسجل ملاحظة بشكل طبيعي ومسترسل ومفتوح ويقوم بتسجيل الواقع كما يحدث.
والفكرة الأساسية هنا أن التصنيف والتوصيف للمعلومات سيظهر بعد جمعها وتحليلها بدلاً من أن يتم الحصول علي المعلومات في أثناء عملية الملاحظة في الملاحظة الكمية.
د ـ من حيث المشاركة:
1 ـ ملاحظة بالمشاركة: وفيها يعيش الباحث الحدث نفسه ويكون عضو في الجماعة الملاحظة.
2 ـ ملاحظة بدون مشاركة: ويقوم الباحث بإجراء ملاحظاته بدور المتفرج أو المراقب.
ه ـ من حيث المدة الزمنية:
1 ـ ملاحظة طويلة المدي: يستغرق الباحث وقت طويل في الملاحظة وقد يصل إلي عدة سنوات.
2 ـ ملاحظة قصيرة المدي: يستغرق الباحث وقت قصير في الملاحظة وهي لا تتجاوز بضعة أسابيع.
و ـ من حيث مدي مجالها:
1 ـ ملاحظة مجالها واسع: ويدخله في ذلك ملاحظة أشياء كثيرة " الهدف من الدراسة" أنواع الأسئلة، عوامل آخري الوقت، المواد البشرية.....الخ.
2 ـ ملاحظة مجالها ضيق: ويدخل في تلك ملاحظة أشياء محددة مثل " تأثير برنامج معين ومدي معوقاته".
ز ـ من حيث العلنية والسرية:
1 ـ ملاحظة علنية: يتم فيها أخبار الملاحظين بعملية الملاحظة وأهدافها.
2 ـ ملاحظة سرية: لا يتم فيها أخبار الملاحظين بعملية الملاحظة.
خطوات الملاحظة:
1 ـ اختيار الموضوع:
بالطبع لابد أن يكون الباحث قد حدد موضوع بحثه وبعض الأسئلة التي تدور حول هذا الموضوع لكن هذا التحديد للأهداف والأسئلة والمتغيرات يظل غير دقيق مع بدايات ملاحظاته فهو يبحث في ظل مرونة تتيح له تغيير الكثير من التوجيهات أثناء ملاحظاته إذ قد يكشف أثناء ملاحظاته الأولي أنه يجب أن يوسع في مدي ملاحظاته بحيث تغطي أجزاء أخري أو أفراداً آخرين وما شابه ذلك.
2 ـ تصميم البحث:
يختار الباحث العينة التي يريد ملاحظتها وأسباب ذلك مع إفساح المجال للتغيير أثناء الملاحظة الفعلية علي أن يتم تدوين ذلك كله في البحث فيما بعد، كما يجب علي الباحث أن يحدد نوع الملاحظة ومدتها ودرجاتها ومكانها وكيفيتها وكل الأحداث المراد تغطيتها بالملاحظة ويجب توضيح أسباب كل تغيير يري ضرورة عمله فيما بعد وأهميته، ويجب الإعداد والتهيئة لعمل الملاحظ وأخذ كل الاحتياطات المناسبة لبدء العمل.
3 ـ جمع المعلومات:
يعمل الملاحظ هنا علي تطبيق الخطوات السابقة وتنفيذها في الميدان مع الأخذ في الاعتبار المرونة التي ينبغي أن يتحلى بها عند مواجهة ما يحدث والاستعداد للتغيير في التوجهات البحثية بناء علي عليها، ويقوم الملاحظ بتنفيذ الملاحظة سواء أكانت طوال الوقت أو علي فترات أو في ساعات محددة حسب أهداف البحث وطبيعة الملاحظة كما عليه عمل الإجراءات الخاصة بالملاحظة من كتابة وتسجيل ومقابلة.
4 ـ تحليل البيانات والمعلومات:
يقوم الباحث بتحليل المعلومات وتفسيرها بناء علي أسئلة الدراسة وأهدافها ولكن بشكل متعقل دون أن يستبق الأحداث ودون أن يفرض أفكاراً وتوجهات مسبقة علي ما يجمعه من معلومات حتي تتم فترة الملاحظة ثم يبدأ بالتحليل المتكامل والتفسير والتأويل وربط ذلك واختباره مع الدراسات والتوجهات الأخرى في الموضوع.
تحليل البيانات:
تنظيم البيانات
في هذه المرحلة يكون لدي الباحث كم كبير من البيانات، أمضي في جمعها مدة زمنية طويلة في الملاحظة. كما أن لديه كمّا من الملحوظات الأولية التي سجلها في أثناء جمع المعلومات. هذه المعلومات تحتاج إلي تنظيم وترتيب يساعد علي الرجوع لها بشكل سريع، وعلي التعامل معها بشكل ييسر تحليلها، وليس هناك نمط تنظيم واحد، بل يمكن للباحث أن ينظم البيانات بالشكل الذي يراه مناسباً، فيمكن تصنيفها حسب طريقة جمع المعلومات ( الملاحظة)، ويمكن تصنيفها علي حسب الأفراد الذين أجري عليهم البحث، أو غير ذلك بما يراه الباحث ملائماً له وللأسلوب الذي سينتهجه في التحليل. ويمكن أن يتم هذا التنظيم بشكل يدوي، عن طريق وضعها في ملفات، أو يمكن الاستفادة من الحاسب في تصنيفها وفهرستها. وهناك برامج حاسوبية مخصصة للبحث النوعي تساعد علي عمليات تنظيم البيانات وتحليلها.
تصنيف البيانات:
في القراءة الأولية للبيانات يبدأ الباحث في تسجيل نظام تصنيف يسير عليه في أثناء التحليل. وهذا النوع من التصنيف هو عبارة عن إعطاء عناوين للمعلومات التي تحتويها البيانات المجموعة, وهذه الجزئيات قد تكون كلمة أو عبارة أو جملة أو فقرة كاملة. فهذا التصنيف يكون عنواناً أو اسمًا لتلك الجزئيات التي يري الباحث أنها ذات معني في بحثه. وبعض الباحثين يسمي هذا النوع من التصنيف ( التصنيف المفتوح)، وقد يسمي ( التصنيف الوصفي). وأسئلة البحث عامل أساس في تحديد وتوجيه نظام التصنيف.
تسجيل الملاحظات:
بعد هذا التصنيف، يجب أن يعيد الباحث القراءة ويسجل ملاحظاته بعد أن استقر في ذهنه هيكل مبني لهذا النظام التصنيفي، أي بعد أن أعطي عنواناً مميزاً لكثير من جزئيات البيانات التي لديه، وبدأت تظهر لديه نقاط تمثل معالم وإن كانت باهتة لمعان في بداية التكون، لم تكن ظاهراً عند الجمع الأولي للمعلومات. وتكون هذه الملاحظات علي شكل أسئلة تؤدي إلي مزيد من البحث سواء في المعلومات المتوفرة أو للبحث عن معلومات إضافية، أو علي شكل تسجيل علاقات بين الفئات التي وضعت، لكنها تحتاج إلي تحقيق. وكلما تكررت القراءة زاد احتمال اكتشاف شيء جديد في البيانات، ولذا فإن الباحث يجب أن يكثر من قراءة بياناته ولا يكتفي بالقراءة أو القراءتين. وفي هذه المرحلة يستطيع الباحث أن يحدد إذا ما كانت العينة التي حددها مرضية وتفي بغرض البحث أم لا. فكلما كثرت الأسئلة دون إجابات أو تعذر بناء نظام تصنيفي جيد كان ذلك مؤشراً علي نقص العينة والحاجة لمزيد من البيانات.
تحديد الأنساق والأنماط:
تحديد الأنساق والأنماط نوع من التصنيف، لكنه يكون علي مستوي أعلي من التجريد، ولذا قد يسميه بعض الباحثين التصنيف المحوري axial coding، لأنه يجعل الفئات تدور علي محور واحد، وقد يسميه آخرون أسر التصنيف coding families، لأنه يجمع عدداً من الفئات في أسرة واحدة. وقد يسمي التصنيف الاستنتاجي ( في مقابل التصنيف الوصفي). فبعد أن يتم التصنيف المفتوح، ويتم وضع الملاحظات عليها تعاد قراءة البيانات المصنفة، لتصنيف الفئات مرة أخري علي شكل أنماط وأنساق في مستوي تجريدي أعلي من التصنيف المفتوح الذي هو عبارة عن عناوين لجزئيات المعلومات. وهذا النوع من التصنيف يحتاج إلي تفكير عميق وقراءة متأنية، لإيجاد علاقات وعمل مقارنات بين مجموعات البيانات، بحيث يحدد الباحث ما الأنماط والأنساق التي تكونت من تصنيف البيانات، ويبدأ في ضم بعضها والمقارنة بين تلك الأنساق والأنماط.
صياغة النتائج:
بعد تكوين الأنماط والأنساق يحتاج الباحث إلي الترقي قليلاً في التجريد، ليصوغ تلك الأنماط والأنساق علي شكل نتائج للبحث، تدعمها الأنساق التي ظهرت وتشكلت من خلال التصنيف الأساسي المفتوح. وبعض الباحثين يسمي هذه المرحلة التصنيف الانتقائي، وبذلك لأن الباحث يختار في عملية التصنيف هذه ما يتناسب مع أسئلة بحثه، وربما يدع ما سوي ذلك. والنتائج في هذه المرحلة تبقي علي شكل افتراضات.
التحقق من النتائج:
في هذه المرحلة يعود الباحث لقراءة بياناته وربما عاد للدراسات السابقة وأدبيات موضوع الدراسة، للتحقق من النتائج التي توصل إليها، ومناقشتها، وتعديل ما يري تعديله أو بيان رأيه فيها. وهو في هذه المرحلة يتأكد من أن ما توصل إليه بعد عمليات التصنيف المختلفة لا يوجد في البيانات الأساسية ما يناقضه، أو يجعله يعيد النظر في الافتراضات التي إليها. وعلي العكس ما هو موجود في البحث الكمي، يجب أن يكون التركيز علي الدراسات السابقة وأدبيات الموضوع في هذه المرحلة، وليس قبل البحث، حتي لا تؤثر عاي آراء الباحث، وأسلوبه في التحليل. والتحقق من هذه المرحلة لي مثل التحقق في البحث الكمي، حيث يدخل الباحث بفرضيات يريد أن يختبرها، فالافتراضات في البحث النوعي إنما خرجت من عملية التحليل وليس قبله، وعملية التحقق منها إنما هي في الواقع جزء من عملية التحليل. وعملية التحليل عملية متداخلة المراحل، وتستمر إلي آخر لحظة في كتابة تقرير البحث.
مميزات الملاحظة:
1 ـ تستطيع الملاحظة أن تقدم لنا معلومات في ظروف لا تستطيع معها أدوات جمع المعلومات الأخرى تقديم أي معلومات.
2 ـ تقدم لنا المعلومات التي نريدها عندما يرفض المقابلون تقديمها أو عندما لا يستطيعون التعبير عنها أو يتحرجون من ذكرها.
3 ـ تدرس الحالة علي طبيعتها وفي أمكنتها أو تتابع مسيرة تطورها لحظة بلحظة.
4 ـ تقديم معلومات أولية المصدر ولا تعتمد علي وسائط أخري لتقديمها هنا يعتمد الباحث علي ما يري ويشاهد من أفعال وتصرفات وأفعال يشاهد ما يفعل وما يحدث بنفسه.
5 ـ من خلالها نستطيع أن نحصل علي معلومات كثيرة لا يمكن لنا الحصول عليها بطرق أخرى، خاصة عندما تكون الملاحظة بالمشاركة.
6 ـ تعتبر الملاحظة من أقل أدوات جمع المعلومات تكلفة.
عيوب الملاحظة:
1 ـ يصعب استخدامها عندما يتكون الموضوع من مجموعات كبيرة من الناس أو عندما تكون الأحداث واسعة الانتشار.
2 ـ لا يمكن استخدامها عند الرغبة في جمع معلومات عن الماضي أو المستقبل.
3 ـ لا يمكن استخدامها في الحالات غير المتوقعة.
4 ـ يصعب استخدامها في بعض الموضوعات الحساسة كتلك التي تحدث داخل المنازل.
5 ـ تعتمد كثيراً علي مهارات وقدرات الملاحظ ومدي صبرة ومثابرته في الحصول علي المعلومات.
6 ـ معرضة لانحيازات الملاحظ ولإدراكه وتذكره الانتقائي.
الملاحظة
أكاديـمـيـا جلـــــوب
طريقك لمستقبل أكاديمى واعد
معلومات الاتصال
تواصل مع اكاديميا جلوب من خلال مواقع التواصل الاجتماعى او ارسل لنا بريد الالكترونى لتستقبل كل جديد
طرق الدفع
تابعنا على تويتر