الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الكتابة الأكاديمية، فقد أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أهم التحولات في العملية التعليمية بشكل عام وفي البحث العلمي على وجه الخصوص، ويحظى الذكاء الاصطناعي باهتمام كبير من قبل مؤسسات التعليم العالي؛ لما يوفره من فرص جديدة يمكن الاستفادة منها في تطوير عمليات التعليم والتعلم، حيث يوفر الذكاء الاصطناعي العديد من الأدوات التي يمكن الاستفادة منها بأشكال متعددة لخدمة العملية التعليمية.
وعلى الرغم من أهمية الذكاء الاصطناعي بأدواته المختلفة واستخداماته المتعددة، إلا أن استخدام هذه الأدوات في البحث العلمي لا بد أن يكون ضمن إطار مشروع ومتناسب مع قيم وأخلاقيات البحث العلمي، فلا بأس من الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي للاسترشاد بها والاستفادة من قدراتها على اتخاذ القرارات وتحليل البيانات وجمعها وتحديد المصادر التي يمكن الاستفادة منها في إعداد البحوث العلمية خاصةً في الموضوعات المعقدة والتي يندر الحصول على مصادر مرتبطة بها يمكن الاستفادة منها.
وفي ضوء ذلك يقع العديد من الباحثين في مغالطات كبيرة حول استخدام الذكاء الاصطناعي وأدواته في إعداد وكتابة البحوث العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه، حيث يعتقد بعض الباحثين أن الأدوات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها في الكتابة بشكل كامل دون بذل جهد من قبل الباحث، وهذا أمر خاطئ بدرجة كبيرة فوجود أدوات الذكاء الاصطناعي ليس لهذا الغرض وإنما فقط للمساعدة في بعض الجوانب المحدودة المتعلقة بكتابة البحوث العلمية.
ونظرًا لانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساعد الباحثين في كتابة البحوث العلمية، فقد أشارت العديد من الجامعات والمؤسسات البحثية إلى هذا الموضوع وتناولته على نحو جاد لتبين اللبس الذي اعترى الباحثين، فقد أكدت العديد من الجامعات والمجلات العلمية المحكمة على مستوى العالم وفي مختلف المجالات والتخصصات أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في كتابة البحوث العلمية يعتبر من أشكال السرقة الأدبية التي يعاقب عليها الباحثين لكونها تشكل انتهاكًا لأخلاقيات البحث العلمي، فالبحث العلمي هو نتاج لمجهود الباحث الشخصي في البحث والدراسة حول موضوعه، ولا يمكن الاقتصار على استخدام الذكاء الاصطناعي وأدواته في كتابة البحث العلمي.
ونظرًا لأهمية الموضوع وخطورته فقد تم تطوير العديد من أدوات الكشف عن السرقة الأدبية والانتحال في البحوث العلمية لتتمكن من كشف ما تمت كتابته من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، ومن أشهر هذه البرامج برنامج تورتين الذي يتم استخدامه على نطاق واسع من قبل الجامعات والمجلات العلمية المحكمة في فحص السرقة الأدبية والانتحال، حيث أصبح البرنامج قادرًا على اكتشاف الفقرات المكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتحديدها كانتحال.
محددات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي:
وبناءً على ما سبق فإن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لكتابة البحوث العلمية بشكل كامل يعد انتهاكًا لأخلاقيات البحث العلمي، خاصةً وأن بعض الباحثين والعلماء وجدوا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم أوراق علمية غير صحيحة ولا تعبر عن الواقع مما قد يتسبب بعواقب وخيمة على جودة البحث العلمي ومخرجاته التي تعتبر واحدة من أهم مصادر البيانات التي يتم الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات والأحكام العلمية التي تؤثر في الكثير من مناحي الحياة.
كما أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بصورة كاملة في كتابة البحوث العلمية يعتبر مشكلة كبيرة بالنسبة للمحكمين خاصةً فيما يتعلق بالنتائج التي تتوصل إليها البحوث، فمن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لا يمكن الجزم بأن النتائج التي تم الحصول عليها هي نتائج صحيحة ومعبرة عن واقع المجتمع؛ وبالتالي فإن ذلك يقلل من مصداقية البحث العلمي وما يخرج به من نتائج، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بصورة عامة في البحث العلمي ومخرجاته في مختلف المجالات.
وبالتالي فإن استخدام الباحثين لأدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون ضمن الحدود المسموحة والتي تقرها الجامعات والمؤسسات البحثية، وبما يتناسب مع أخلاقيات البحث العلمي، حيث أن خروج الباحثين عن هذه الحدود يسيء إلى العلم والبحث العلمي والنتاج المعرفي للبشرية عمومًا، فلا بد من التأكيد على أن كتابة البحوث العلمية يجب أن تكون أصيلة بما يضمن دقة الإجراءات المتبعة وسلامة النتائج التي تم التوصل إليها من خلال هذه الإجراءات.
سلبيات أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي:
محددات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي:
هناك الكثير من الأدوات التي يعتمد عليها الباحثين كأدوات مساعدة في كتابة البحوث العلمية، ولكن يبقى الغرض من استخدام هذه الأدوات توفير الوقت والجهد وتحسين جودة النتائج التي يتم الحصول عليها نتيجةً لاستخدام هذه الأدوات، أما الاعتماد الكلي على أي نوع من الأدوات في كتابة البحث العلمي فإنه يعتبر من أشكال الغش والسرقة الأدبية التي يجدر بالباحثين أن يبتعدوا عنها للحفاظ على المكانة المهمة للنتاج المعرفي الإنساني الذي كان ولا يزال حجر الزاوية في زيادة مستوى الرفاهية التي تتصف بها حياة الإنسان في المجتمعات الإنسانية اليوم، فالبحث العلمي ونتائجه هي الأساس الصلب الذي بنيت عليه مختلف أنواع الصناعات والتقنيات التي غيرت حياة الإنسان لتأخذ شكلها الحالي.
وختامًا فلا بد من التأكيد على أن البحوث العلمية التي تحظى باهتمام وبمكانة علمية بين الباحثين والمختصين في مجالات هذه البحوث، هي تلك التي يبذل الباحثون مجهودًا كبيرًا في كتابتها من أجل الوصول إلى أفضل النتائج، أما تلك البحوث التي لا تبذل فيها الجهود المناسبة ولا تحظى بالعناية اللازمة فإنها لن تخرج بالنتائج المرجوة منها.
المرجع:
المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج .(2024). الذكاء الاصطناعي في التعليم: الوعود والتحديات، المركز العربي للنشر.
أكاديـمـيـا جلـــــوب
طريقك لمستقبل أكاديمى واعد
معلومات الاتصال
تواصل مع اكاديميا جلوب من خلال مواقع التواصل الاجتماعى او ارسل لنا بريد الالكترونى لتستقبل كل جديد
طرق الدفع
تابعنا على تويتر