الانتحال العلمي
/مقالات علمية
تعريف الانتحال (Plagiarism):
هو "استخدام معتمد لأي مصدر معلومات منشور، أو غير منشور دون اعتراف مناسب بحقوق التأليف، وعدم تطبيق طرق الاستشهاد، أو الاقتباس المتعارف عليه في البحث العلمي، ويشمل ذلك ما يحتويه ذلك المصدر من أفكار أو جمل أو كلمات وحتى خرائط وجداول وأشكال.
والانتحال نوع من الغش (Cheeting) من حيث إنه استخدام غير مشروع للمصادر العلمية، ويختلف عن التلفيق (Fabrication) الذي هو اختلاق متعمد لمصادر ومعلومات وهمية لا وجود لها وتوثيقها لمصدر علمي موجود.
أشكال الانتحال:
يتخذ الانتحال أشكالاً وصورًا شتى ينبغي للباحثين وطلبة الدراسات العليا الانتباه إليها بغية تجنب الوقوع فيها، ومنها:
الانتحال الكلي:
ويتمثل الانتحال الكلي في الحالات التالية:
- استيلاء المنتحل على بحث كامل من باحث آخر ونسبته إلى نفسه.
- شراء المنتحل بحث جاهز ونسبته إلى نفسه. وقد يكون الشراء مباشرة من مكاتب للخدمات الجامعية أو إلكترونيًا من مواقع شبكة الإنترنت.
- تكليف المنتحل باحث آخر لكتابة البحث ونسبته إلى نفسه.
الانتحال الجزئي:
ويكون الانتحال الجزئي في حالات منها:
- النقل الحرفي لمعلومات أو أفكار أو جمل أو مخططات من آخرين دون توثيقها.
- عرض أفكار ومعلومات لآخرين مع تغيير الأسلوب والكلمات ونسبتها لنفسه.
- يمكن أن يكون الانتحال دون وعي من الباحث لسهو منه، أو لجهل بقواعد التوثيق.
الانتحال الذاتي:
ويتمثل في قيام الباحث بإعادة أفكار له كتبها في بحث آخر، وتقديمها في عمل جديد دون الإشارة للمصدر الأول، وبهذه الحالة يكون الباحث سارقاً لنفسه، وذلك الوضع لا يعفيه من المساءلة.
ويتضح هذا النوع لدى الباحثين الذين يعيدون ما كتبوه في رسائلهم في الماجستير والدكتوراه في بحوث جديدة، أو لدى الباحثين المكثرين من تأليف الكتب الجامعية. ولا يخالط هؤلاء شعور بأن ذلك انتحال غير مقبول في أخلاقيات البحث التربوي.
ويتبادر للذهن عند التعرض لصور الانتحال وأشكاله قضيتان، الأولى ما يسمى بـ"المعلومات البديهية" التي لا تتطلب توثيقاً بوصفها مسلمات في المجال التربوي لا يملكها أحد معين لشيوعها وتكرارها في كافة الأدبيات والبحوث، والقضية الأخرى التي يتعلل بها بعض الباحثين، وهي ما يطلق عليها "توارد الأفكار والخواطر" وهي فكرة تشغل باحثين فيكتبان فيها دون علم أحدهما الآخر، ويصعب التحقق من جهد الباحثين في تتبع ما يصدر من بحوث ورسائل علمية في الميدان قبل الشروع في كتابة أفكارهما.
أسباب الانتحال:
توصل الباحثون من خلال دراساتهم على عينات من الأساتذة والباحثين والطلبة من مختلف المستويات ومنهم طلبة الدراسات العليا إلى مجموعة من الأسباب التي تدفعهم إلى الانتحال، ومنها:
- تدني وعي الطلبة بمعنى الانتحال، وخاصة للذين درسوا في مدارس وجامعات لم تلق اهتمامًا لتعليم الطلبة مفهوم الانتحال وطرائق التوثيق والاقتباس.
- ضعف معايير قبول الطلبة: وذلك يساعد على دخول طلبة غير مؤهلين ومفتقرين إلى المهارات الأساسية في اللغة والمعلومات إلى برامج الدراسات العليا مما يدفعهم للانتحال.
- الافتقار إلى المهارات الأكاديمية الأساسية: وأبرزها ضعف المهارات الكتابية، ومهارات إدارة الوقت، فضلاً عن مهارات البحث العلمي.
- الضغط: ويشمل ضغط الوقت المتاح للطالب لإنجاز البحث، وضغط الأسرة والمجتمع وتوقعاتهم منه، مما ينتج عنه ضغط نفسي يدفعه للانتحال للتخلص من كل تلك الضغوط.
- العوامل النفسية: وتتمثل في تدني رغبة الباحث في الموضوع الذي يكتب عنه، وضعف ثقته بنفسه، وانخفاض مفهوم الذات لديه.
- تساهل بعض الأساتذة وتعاطفهم مع الطلبة مما يسهل فعل الانتحال لديهم.
تطوير مهارات البحث العلمي لدي الباحثين:
- تطوير مهارات الكتابة الفنية، وتنمية اللغة العلمية لدي الباحثين لحمايتهم من الاعتماد على الآخرين في الكتابة.
- الاهتمام بتدريب الباحثين على مهارات الاقتباس والاستشهاد بآراء الآخرين وطرائق توثيقها، لأن عدم إتقان هذه المهارات يقود الباحثين إلى الانتحال بالضرورة .
- تدريس طلبة الدراسات العليا معني الانتحال، وتنمية وعيهم به.
تنمية الجوانب الوجدانية لدي الباحثين:
ويشمل تنمية الجوانب النفسية والأخلاقية التي قد تحد من الانتحال.
- تنمية ثقة الباحثين بأنفسهم، والإشادة بقدرتهم على الإنجاز.
- تنمية دافعية الطلبة نحو الدراسة العلمية والعمل البحثي.
- تنمية إحساس الباحث بمبدأ إسداء العدالة والحقوق الفكرية للمؤلف، كذلك للمجتمع بعدم خداعه بتقديم عمل منتحل له.
تطوير قدرات الأساتذة والمشرفين:
يسهم تطوير قدرات الأساتذة والمشرفين في الحد من الانتحال عن طريق الإجراءات التالية:
- تنمية الوعي بخطورة الانتحال وخطورته على البحث العلمي، وعدم التساهل أو غض الطرف عن هذه المخالفة الأكاديمية، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
- رفع الكفاءة الأكاديمية للأساتذة، ومساعدتهم على إبراز مهاراتهم البحثية، وإظهار خبرتهم في ميدان البحث، وبيان سعة اطلاعهم على مستجداته، مما يجعل الطلبة الذين يفكرون في الانتحال يخشون خداع الأستاذة، ويتوقعون دائماً افتضاح أمرهم
- إفادة المشرف من خبرته بالطلبة ومستوي مهاراتهم البحثية، وإعمال فطنته في تعرف طرائق الانتحال التي يمكن أن يستعين بها طلبته.
- ضرورة تعامل المشرفين مع أبحاث الطلبة بوصفها عملية متطورة لا إنتاجاً نهائياً، ويقصد بذلك متابعة عمل الطالب باستمرار، وإرشاده في كل مرحلة من مراحل البحث، وتجنب استلام الأبحاث جاهزة
- إرشاد الطالب لمصادر علمية محددة لاستيفاء عناصر معينة في البحث، ومناقشته في بعض المعلومات أو الأفكار التي وردت في بعض المصادر التي رجع إليها، والحصول على نسخة منها للتحقق منها إن تطلب الأمر.
تطوير إجراءات إدارة الجامعات للبحوث العلمية:
وتشمل هذه الإجراءات تطوير أنظمة الجامعة في إدارة الدراسات العليا ووحدات النشر العلمية بغية مكافحة الانتحال في بحوث طلابها ومنتسبيها على حد سواء. ومن تلك الإجراءات:
- وضع ميثاق شرف أخلاقي للبحث العلمي يتضمن التزام الباحث بالنزاهة الأكاديمية في جميع مراحل البحث العلمي، ويحدد معايير تلك النزاهة، ويرصد حالات انتهاكها، ويضع الإجراءات التي تتناسب مع كل مخالفة، ويحدد دور المشرف والطالب والإدارة في تفعيل هذا الميثاق.
- رفع مستوي معايير قبول الطلبة في برامج الدراسات العليا، وإجراء مقابلات تبين مدي دافعيتهم للعمل والبحث، وإجراء اختبارات قبول تكشف قدراتهم وإمكاناتهم للتعامل مع البحث العلمي وقضاياه الفنية والأخلاقية.
- وضع دليل للباحث يرشده عند كتابة البحث، ويتضمن أسلوب التوثيق المأخوذ به في الجامعات كأن يكون أسلوب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، أو أي أسلوب يتفق عليه، مما يسهل التفاهم بين المشرف والطالب ويحدد ما يمكن أن يكون شبهة انتحال محتمل.
- إلزام الباحثين بالتوقيع على تعهد في مقدمة بحثه المقدم يقر فيه بأن هذا العمل من جهده، ولا يحتوي على معلومات ومصادر لم تحدد مصادرها، وقد يفيد هذا التعهد إدارة الجامعة في أي إجراء قانوني مستقبلاً لو اكتشفت حالات انتحال في هذا العمل المقدم.
- تحديد عقوبات الانتحال وتطبيقها والإعلان عنها بهدف صون سمعة الجامعة والرقي بمكانتها العلمية في المجتمع.
المرجع:
محمد إبراهيم إبداح . (2015). جرائم الانتحال الأدبي والعلمي حقوق التأليف والحقوق المجاورة لها وفقًا للتشريعات الدولية والوطنية، دار الجنان للنشر والتوزيع.
تعليقات