أكاديـمـيـا جلـــــوب

---

يتناول هذا المقال موضوعا على درجة عالية من الأهمية، وهو واحد من أخطر الموضوعات المتصـلة بالبحـث العلمـي، الا وهـو الانتحــال الــذي يعــرف "بأنــه كــل اســتخدام لألفــاظ وأفكــار للغــير أو محاكاتها بــدون رخصــة، وطرحهــا علــى أنها مــن ابتكــار المنتحل"، ويعد الانتحال من أبرز أشكال عدم الأمانة العلمية شيوعا في الوسط الأكاديمي.

ويســتعرض هــذا المقــال نظــرة فاحصــة لهــذه الظــاهرة الخطـــيرة والمتزايــدة، إذ يتنــاول إيضــاحا مــوجزا ووافيــا عــن الســطو العلمــي، ويفصـح عــن أشــكال الســرقة الأكاديميــة، ويعـدد أنواعهــا، والأســباب المؤديـة للإغــارة علــى مــا توصـل إليــه الاخــرون، ويكشـف الأساليب القانونية لمحاربة هذه الظاهرة، والطرق العلمية الحديثة للكشف عنها.

 مفهوم الانتحال العلمي:

في ظل التطور الذي نشـهده ونعيشـه ظهـرت ممارسـات مشـينة في الوسـط الأكـاديمي وأثـرت سـلبا علـى نوعيـة مخرجـات البحـث العلمـي ورصـانته ألا وهـي الســرقة العلميـة، الانتحـال، الســطو الأكـاديمي، تعـددت المسـميات والوصــف واحـد، وهــو الاخـلال بالأمانة العلمية، ولتحديـد تعريـف جـامع مـانع لابـد لنـا مـن ادراج بعـض التعـاريف لمصـطلحات مهمـة، ليتضـح المعـنى ويتجلـى المقصود.

أولا: الانتحال:

أ) الانتحال لغة:

(نحل) النحل ذباب العسل واحدته نحلة.

ب)  الانتحال اصطلاحا:

يتضح مما سبق ذكره، ان الانتحال ادعاء نسبة عمل أدبي كـذبا وزورا لشـخص دون صـاحبه الأصـلي، ولعـل الامـر انصـرف في بدايته نحو الشعر قبل ان يتطور المصطلح ليشمل غيره من الفنون وذلك لمكانة الشعر وتقدمه عند العرب.

ثانيا: تعريف السرقة العلمية:

 1) السـرقة العلميـة في ابسـط معانيهـا هـي اسـتخدام غـير معـترف بـه لأفكـار واعمـال الاخـرين، يحـدث بقصـد او بغـير قصـد، سواء أكانت السرقة مقصودة او غير مقصودة، فهي تمثل انتهاكا خطيرا.

 2) كل عمل يقـوم بـه الطالـب او الأسـتاذ الباحـث او الأسـتاذ الباحـث الاستشـفائي الجـامعي او الباحـث الـدائم او كـل مـن يشـــارك في عمـــل ثابـــت للانتحـــال وتزويــــر النتـــائج أو غـــش في الاعمـــال العلميـــة المطالـــب بها او في أي منشـــورات علميـــة او بيداغوجية اخرى.

المطلب الثاني: أشكال وصور السرقة العلمية الأكثر شيوعا في الوسط الأكاديمي:

ان انتهـك الأمانـة العلميـة تتجلــى في عديــد الصـور والاشـكال، ولهــذا الغــرض نعــرض اكثرهـا تجليـا في الوســط العلمــي وأشــدها ضررا عليه.

أولا: السرقة العلمية الكاملة والاقتباس الجزئي:

في هـذا النـوع يقـوم الباحـث علـى الاغـارة علـى مصـنف بأكملـه، مغـيرا الاسـم فقـط، وهـي أشـنع السـرقات العلميـة الـتي عرفهــا الوسـط الأكــاديمي، ومـن الممكــن ان تتخـذ صـورا أخــرى أيضـا، كالاقتبـاس الكلـي لفقـرة او مقطــع مــن مقـال او كتــاب، ونقلــه حرفيا دون الإشارة الى مصدره.

ثانيا: السرقة العلمية بإعادة الصياغة:

تعد اعادة الصياغة سرقة علمية وإن تخللها تفكيكا أو إعادة للتركيب " يعتبر وضع العبارات المعاد صوغها بدون عزو مناسب لمصدرها نوعا من السرقة العلمية" .

ثالثا: السرقة العلمية للأسلوب:

المقصود بها اتباع نفـس طريقـة المقالـة الاصـلية، جملـة بجملـة، ومقطعـا بمقطـع فهـذه سـرقة علميـة مـع أن المكتـوب لا يتطـابق مـع الوارد في النص الأصلي، ولا مع طريقة ترتيبه، هي سرقة لتفكير المنطقي الذي اتبعه المؤلف الأصلي في هندسة عمله.

رابعًا: السرقة العلمية باستخدام الاستعارة:

تستخدم الاستعارة إما لزيادة وضوح الفكرة، أو لتقديم شرح يلمس حس القارئ ومشاعره بطريقة أفضل من الوصف الصريح المباشر للعنصر أو العملية، لذا فالاستعارة وسيلة من الوسائل المهمة التي يعتمد عليها المؤلف في توصيل فكرته. ويحق له إذا لم يستطع صياغة استعارة خاصة به اقتباس الاستعارات الواردة في كتابات الآخرين شريطة رد مرجعيتها لأصحابها الأصليين.

خامسا: السرقة العلمية للأفكار:

في حال الاستعانة بفكرة أبدعها باحث ما، أو مقترح قدمه لحل مشكلة مـا، يجـب نسـبتهما لـه بوضـوح. ولا يجـب الخلـط هنـا بـين الأفكـار والمفـاهيم الخاصـة، وبـين مسـلمات المعرفـة الـتي لا يحتـاج الباحـث إلى نسـبتها لأحـد، فتعريـف الثقـب الأسـود علـى سـبيل المثـال، لا يحتـاج إلى توثيـق وإشـارة مرجعيـة، وكـذلك تحديـد ســرعة الإفـلات مــن نطـاق جاذبيـة الأرض، فهمـا ينــدرجان تحت المعارف العامة، لكن إذا استعان الباحث بأفكار جديدة لآخرين في أثناء بحثه عن الثقوب السوداء مثلاً، أو حل جديد لمعضلة فيزيائية، فإن ذلك يتطلب منه الدقة في نسبتها إلى أصحابها

طرق وسبل تجنب الوقع في السرقة العلمية :

مع تنـامي ظـاهرة السـرقة العلميـة وانتشـارها في كثـير مـن الـدول بشـكل رهيـب، وجـب علـى القــائمين علـى هـذا المجال التحــرك وعلى وجه السرعة من اجل وضع سبل من شأنها الحد من هذه الظاهرة المتنامية، لكيلا يقع الباحث في شـراكها ولـو عـن غـير قصــد، مــرد ذلــك الجهــل المطبــق بكيفيـة الاستشــهاد، منتهكــا بـذلك الأمانــة العلميـة، "مثــل النســخ المتعمــد، أو قيــام الباحــث باســـتخدام عمـــل لشـــخص آخـــر دون الاعـــتراف بـــذلك، أو الســـطو علـــى عمـــل قـــام بـــه أشـــخاص ونِســـبته لنفســـه، أو تغيـــير. الاستشـهاد وتزويـره. لهـا عواقـب شـديدة، حـتى ولـو كانـت عـن غـير قصـد، أو نتيجـة للجهـل بكيفيـة الاستشـهاد، أو عمليـات
البحــث، أو إعــادة الصــياغة غــير المتقنــة، أو القــص واللصــق مــن مصــادر إلكترونيــة بشــكل غــير مــدروس، فكلهــا انتهــاك غــير مقبول.
وهنا نسرد بعض النصائح التي جاءت في مطبوعة بعنوان" الاقتباس العلمي: الأنواع، الضوابط، والشروط"
الصادرة عن جامعة الملك سعود جاء فيها:

1) تأكد من معرفتك لكيفية وضع الاستشهادات بطريقة صحيحة.
2) ضع علامات الاقتباس عند استخدام كلمات أو جمل المؤلف.
3) عند الاقتباس أو إعادة الصياغة أو التلخيص يجب أن توضح في بداية الجملة, الأولى أن الآتي هو فكرة لشخص آخر بقولك:

- طبقًا ل................

- قال: .........

- في دراسته أجراها عام.................

4) في نهاية االجملــــة الأخــــيرة لمــــادة الاقتبــــاس ، أو إعـــادة الصـــياغة ، أو التلخـــيص ضـــع بيانـــات المصـــدر أو المرجــــع في

معكوفتين.

5) عندما يساورك الشك لا تستخدم الاستشهاد، فمن الأفضل عدم استخدامه بدون توثيق.

المصدر:

المسعود، معمري, و بني حمد، عبدالسلام أحمد علي. (2017). ظاهرة السرقة العلمية: مفهومها، أسبابها وطرق معالجتها. مجلة آفاق للعلوم, جامعة زيان عاشور الجلفة, (9).

---

تعليقات